إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

محبة أهل الحديث والأثر .......///


دين النبي محمد أخبار..نعم المطية للفتى آثار

لا ترغبن عن الحديث وأهله.. فالرأي ليل والحديث نهار

ولربما جهل الفتى أثر الهدى.. والشمس بازعة لها أنوار

الأحد، يونيو 27، 2010

متى يجوز تعيين الفرق الهالكة ؟

متى يجوز تعيين الفرق الهالكة ؟
للإمام أبي إسحاق الشاطبي (ت 790)
عدم التعيين هو الذين ينبغي أن يُلتزم ليكون ستراً على الأمة كما سُترت عليهم قبائحهم، فلم يفضحوا في الدنيا في الغالب، وأمرنا بالستر على المؤمنين ما لم تبد لنا صفحة الخلاف، ...
وأيضاً؛ فللستر حكمة أخرى، وهي أنها لو أظهرت - مع أن أصحابها من الأمة - لكان في ذلك داع إلى الفرقة وعدم الألفة التي أمر الله ورسوله بها، حيث قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ وقال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ وقال تعالى: ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾.
وفي الحديث : «لا تحاسَدُوا، ولا تَبَاغضُوا، ولا تَدَابَروا، وكُونوا عبادَ اللهِ إِخوانا»، وأمر عليه الصلاة والسلام بإصلاح ذات البين، وأخبر أن فساد ذات البين هي الحالقة التي تحلق الدين.
فإذا كان من مقتضى العادة أن التعريف بهم على التعيين يورث العداوة بينهم والفرقة؛ لزم من ذلك أن يكون منهياً عنه، إلا أن تكون البدعة فاحشة جداً كبدعة الخوارج، وذكرهم بعلامتهم حتى يعرفوا، ويلحق بذلك ما هو مثله في الشناعة أو قريب منهبحسب نظر المجتهد، وما عدا ذلك؛ فالسكوت عنه أولى.
وخرج أبو داود عن عمرو بن أبي قُرَّة قال :
«كان حُذَيفةُ بالمدائن، فكان يذكر أَشياءَ قالها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لأُناس من أصحابه في الغضب فينطلق ناس ممّن سمع ذلك من حذيفة، فيأتون سلمان، فيذكرون له قولَ حذيفة، فيقول سلمان: حذيفةُ أَعْلَمُ بما يقول، فيرجعون إِلى حذيفة، فيقولون له: قد ذكرنا قولك لسلمان، فما صَدَّقَكَ، ولا كذَّبك، فأتى حذيفةُ سلمانَ وهو في مَبْقَلة، فقال: يا سلمان، ما منعك أن تصدِّقني بما سمعتُ من رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ؟ فقال سلمان: إِنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويرضى فيقول في الرضى لناس من أصحابه، ثم قال لحذيفة: أَمَا تَنْتَهي حتى تُورِثَ رجالا حُبَّ رجال، ورجالا بغض رجال، وحتى توقع اختلافا وفُرقَة، ولقد علمتَ أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- خَطب، فقال: أَيُّما رَجُل من أُمَّتي سَبَبْتُهُ سَبَّة أو لَعَنْتُهُ لَعنَة في غضبي، فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجْعَلْها عليهم صلاة يوم القيامة، والله لَتَنْتَهِيَنَّ أو لأكْتُبَنَّ إِلى عمر» .
فتأملوا ما أحسن هذا الفقه من سلمان رضي الله عنه! وهو جار في مسألتنا، فمن هنا لا ينبغي للراسخ في العلم أن يقول: هؤلاء الفرق هم بنو فلان وبنو فلان! وإن كان يعرفهم بعلامتهم بحسب اجتهاده، اللهم إلا في موطنين:
أحدهما : حيث نبه الشرع على تعيينهم؛ كالخوارج؛ فإنه ظهر من استقرائه أنهم متمكنون في الدخول تحت حديث الفرق، ويجري مجراهم من سلك سبيلهم، فإن أقرب الناس إليهم شيعة المهدي المغربي، فإنه ظهر فيهم الأمران اللذان عرف النبي صلى الله عليه وسلم بهما في الخوارج من أنهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، وأنهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، فإنهم أخذوا أنفسهم بقراءة القرآن وإقرائه حتى ابتدعوا فيه ثم لم يتفقهوا فيه، ولا عرفوا مقاصده. ولذلك طرحوا كتب العلماء وسموها كتب الرأي وخرقوها ومزقوا أدمها، مع أن الفقهاء هم الذين بينوا في كتبهم معاني الكتاب والسنة على الوجه الذي ينبغي، وأخذوا في قتال أهل الإسلام بتأويل فاسد، زعموا عليهم أنهم مجسمون وأنهم غير موحدين، وتركوا الانفراد بقتال أهل الكفر من النصارى والمجاورين لهم وغيرهم ...
والثاني : حيث تكون الفرقة تدعو إلى ضلالتها وتزيينها في قلوب العوام ومن لا علم عنده، فإن ضرر هؤلاء على المسلمين كضرر إبليس، وهم من شياطين الإنس، فلا بد من التصريح بأنهم من أهل البدعة والضلالة، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت له الشهود على أنهم منهم. كما اشتهر عن عمرو بن عبيد وغيره ...
فمثل هؤلاء لا بد من ذكرهم والتشريد بهم، لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تُرِكوا، أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير عنهم إذا كان سبب ترك التعيين الخوف من التفرق والعداوة.
ولا شك أن التفرق بين المسلمين وبين الداعين للبدعة وحدهم إذا أقيم عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الداعين ومن شايعهم واتّبعهم، وإذا تعارض الضرران يُرتكب أخفهما وأسهلهما، وبعض الشر أهون من جميعه، كقطع اليد المتآكلة، إتلافُها أسهل من إتلاف النفس. وهذا شأن الشرع أبداً: يطرحَ حُكمَ الأخفِّ وقايةً من الأثقل(*).
فإذا فقد الأمران؛ فلا ينبغي أن يُذكروا ولا أن يُعينوا وإن وجدوا، لأن ذلك أول مثير للشّحناء وإلقاء العداوة والبغضاء، ومتى حصل باليد منهم أحد ذاكره برفق، ولم يُرِه أنه خارج من السنة، بل يريه أنه مخالف للدليل الشرعي، وأن الصواب الموافق للسنة كذا وكذا. فإن فعل ذلك من غير تعصُّب ولا إظهار غلبة؛ فهو أنحج وأنفع، وبهذه الطريقة دُعي الخلق أولاً إلى الله تعالى، حتى إذا عاندوا وأشاعوا الخلاف وأظهروا الفرقة قوبلوا بحسب ذلك.
قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصُّب جماعة من جُهّال أهل الحق، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدلاء، ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة، وتعذَّر على العلماء المتلطّفين محوها مع ظهور فسادها، حتى انتهى التعصب بطائفة إلى أن اعتقدوا أن الحروف التي نطقوا بها في الحال بعد السكوت عنها طول العمر قديمة. ولولا استيلاء الشيطان بواسطة العناد والتعصب للأهواء، لما وجد مثل هذا الاعتقاد مستقراً في قلب مجنون فضلاً عن قلب عاقل.
هذا ما قال. وهو الحق الذي تشهد له العوائد الجارية، فالواجب تسكين الثائرة ما قُدر على ذلك. والله أعلم.
______________
(*) وقد حذر كبار علماء المسلمين من الفرق الحديثة المعاصرة وإليك بعض فتاويهم القيمة:
قال إمام أهل السنة في هذا العصر الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله:
الواجب على المسلمين توضيح الحقيقة ومناقشة كل جماعة أو جمعية ونصح الجميع بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده ودعا إليه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ومن تجاوز هذا أو استمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله ـ فإن الواجب التشهير به والتحذير منه ممن عرف الحقيقة، حتى يتجنب الناس طريقهم وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه في قوله جل وعلا : { وأنَّ هَذَا صِرَاطي مُسْتَقِيمَاً فاتَّبعوهُ وَلا تتبعُوا السُبُلَ فَتَفَرَّق بكم عَن سَبيْلِه ذَلِكم وَصَّاكم به لعَلكم تَتَّقون }
ومما لا شك فيه أن كثرة الفرق والجماعات في المجتمع الإسلامي مما يحرص عليه الشيطان أولا وأعداء الإسلام من الإنس ثانياً، لأن اتفاق كلمة المسلمين ووحدتهم وإدراكهم الخطر الذي يهددهم ويستهدف عقيدتهم يجعلهم ينشطون لمكافحة ذلك والعمل في صف واحد من أجل مصلحة المسلمين ودرء الخطر عن دينهم وبلادهم وإخوانهم وهذا مسلك لا يرضاه الأعداء من الإنس والجن، فلذا هم يحرصون على تفريق كلمة المسلمين وتشتيت شملهم وبذر أسباب العداوة بينهم، نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق وأن يزيل من مجتمعهم كل فتنة وضلالة، إنه ولي ذلك والقادر عليه)). [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (5/202ـ204)]
وسئل العلاّمة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: هل هناك نصوص في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فيها إباحة تعدد الجماعات الإسلامية؟
فأجاب :
"ليس في الكتاب ولا في السنة ما يبيح تعدد الجماعات والأحزاب، بل إن في الكتاب والسنة ما يذم ذلك قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }. وقال تعالى { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.
ولا شك أن هذه الأحزاب تنافي ما أمر الله به بل ما حث عليه في قوله {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}. ولا سيما حينما ننظر إلى آثار هذا التفرق والتحزب؛ حيث كان كل حزب، وكل فريق يرمي الآخر بالتشنيع والسب والتفسيق وربما بما هو أعظم من ذلك، لذلك فإنني أرى أن هذا التحزب خطأ.
وقول بعضهم أنه لا يمكن للدعوة أن تقوى وتنتشر إلا إذا كانت تحت حزب. نقول: إن هذا الكلام غير صحيح بل إن الدعوة تقوى وتنتشر كلما كان الإنسان أشد تمسكاً بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأكثر اتباعاً لآثار النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين". [الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات ص 155]
وسئل العلاّمة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: هل يجوز للعلماء أن يبيّنوا للشباب وللعامة خطر التحزب والتفرق والجماعات؟
فأجاب فضيلته:
"نعم يجب بيان خطر التحزب وخطر الانقسام والتفرق ليكون الناس على بصيرة لأنه حتى العوام الآن انخدعوا ببعض الجماعات يظنون أنها على الحق، فلا بد أن نبين للناس المتعلمين والعوام خطر الأحزاب والفرق لأنهم إذا سكتوا قال الناس: العلماء كانوا عارفين عن هذا وساكتين عليه، فيدخل الضلال من هذا الباب، فلا بد من البيان عندما تحدث مثل هذه الأمور، والخطر على العوام أكثر من الخطر على المتعلمين، لأن العوام مع سكوت العلماء يظنون أن هذا هو الصحيح وهذا هو الحق". اهـ [" الأجوبة المفيدة عن اسئلة المناهج الجديدة" ص (68)]
وقال في ص (16) من الكتاب السابق: "كل من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسب إلى الإسلام: في الدعوة، أو في العقيدة، أو في شيء من أصول الإيمان، فإنه يدخل في الاثنتين والسبعين فرقة، ويشمله الوعيد، ويكون له من الذم والعقوبة بقدر مخالفته".
ويقول العلامة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد – رحمه الله - في ("خصائص جزيرة العرب" ص 85) :
"جزيرة العرب هي بارقة الأمل للمسلمين في نشر عقيدة التوحيد لأنها موئل جماعة المسلمين الأول وهي السُّور الحافظ حول الحرمين الشريفين فينبغي أن تكون كذلك أبدا فلا يسمح فيها بحال بقيام أي نشاط عقدي أو دعوي - مهما كان - تحت مظلة الإسلام ؛ مخالفا منهاج النبوة الذي قامت به جماعة المسلمين الأولى : صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدّده وأعلى مناره الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى .
فالجماعة واحدة : جماعة المسلمين تحت عَلَم التوحيد على طريق النبوة لا تتوازعُهم الفرق والأهواء ولا الجماعات والأحزاب .
وإن قبول أي دعوة تحت مظلة الإسلام تخالف ذلك هي وسيلةُ إجهازٍ على دعوة التوحيد وتفتيتٍ لجماعة المسلمين، وإسقاطٍ لامتياز الدعوة، وسقوطٍ لجماعتها، وكسرٍ لحاجز النفرة من البدع والمبتدعين، والفسق والفاسقين.
والجماعات إن استشرى تعددها في الجزيرة فهو خطر داهم يهدد واقعها ويهدم مستقبلها ويسلّم بيدها ملفَّ الاستعمار لها وبه تكون مجمّع صراع فكري وعقدي وسلوكي" .اهـ

من كتاب الاعتصام ( 3 / 211 )

عقبات الشيطان السبع

عقبات الشيطان السبع

للإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله

الشيطان يريد أن يظفر بالمسلم في عقبة من سبع عقبات، بعضها أصعب من بعض، لا ينـزل منه من العقبة الشاقة إلى ما دونها إلا إذا عجز عن الظفر به فيها:

العقبة الأولى : عقبة الكفر بالله، وبدينه، ولقائه، وبصفات كماله، وبما أخبرت به رسله عنه، فإنه إن ظفر به في هذه العقبة بردت نار عداوته، واستراح.

فإن اقتحم هذه العقبة ونجا منها ببصيرة الهداية، وسلم معه نور الإيمان؛ طلبه على:

العقبة الثانية : وهي عقبة البدعة :

1- إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه،

2- وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله من الأوضاع والرسوم المحدثة في الدين التي لا يقبل الله منها شيئا،

والبدعتان في الغالب متلازمتان قلَّ أن تنفك إحداهما عن الأخرى، كما قال بعضهم: تزوجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال فاشتغل الزوجان بالعرس فلم يفجأهم إلا وأولاد الزنا يعيثون في بلاد الإسلام، تضج منهم العباد والبلاد إلى الله تعالى، وقال شيخنا: تزوجت الحقيقة الكافرة بالبدعة الفاجرة فتولد بينهما خسران الدنيا والآخرة.

فإن قطع هذه العقبة، وخلص منها بنور السنة، واعتصم منها بحقيقة المتابعة، وما مضى عليه السلف الأخيار من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وهيهات أن تسمح الأعصارُ المتأخرة بواحد من هذا الضرب، فإن سمحت به؛ نصب له أهل البدع الحبائل، وبغوه الغوائل، وقالوا مبتدع مُحدِث.

فإذا وفقه الله لقطع هذه العقبة وكان العبد ممن سبقت له من الله موهبة السنة ومعاداة أهل البدع والضلال طلبه على:

العقبة الثالثة : وهي عقبة الكبائر فإن ظفر به فيها زينها له، وحسنها في عينه، وسوّف به، وفتح له باب الإرجاء، وقال له: الإيمان هو نفس التصديق فلا تقدح فيه الأعمال، وربما أجرى على لسانه وأذنه كلمة طالما أهلك بها الخلق وهي قوله: لا يضر مع التوحيد ذنب، كما لا ينفع مع الشرك حسنة.

فيستنيب منهم من يشيعها ويذيعها تدينا وتقربا بزعمه إلى الله تعالى وهو نائب إبليس ولا يشعر فإن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم، هذا إذا أحبوا إشاعتها وإذاعتها، فكيف إذا تولوا هم إشاعتها وإذاعتها.

والظفر به في عقبة البدعة أحب إليه؛ لمناقضتها الدين ودفعها لما بعث الله به رسوله، وصاحبها لا يتوب منها، ولا يرجع عنها، بل يدعو الخلق إليها، ولتضمنها القول على الله بلا علم ومعاداة صريح السنة ومعاداة أهلها، والاجتهاد على إطفاء نور السنة، وتولية من عزله الله ورسوله، وعزل من ولاه الله ورسوله، واعتبار مارده الله ورسوله، ورد ما اعتبره، وموالاة من عاداه، ومعاداة من والاه، وإثبات ما نفاه، ونفي ما أثبته، وتكذيب الصادق، وتصديق الكاذب، ومعارضة الحق بالباطل، وقلب الحقائق؛ بجعل الحق باطلا والباطل حقا، والإلحاد في دين الله، وتعمية الحق على القلوب، وطلب العوج لصراط الله المستقيم، وفتح باب تبديل الدين جملة، فإن البدع تستدرج بصغيرها إلى كبيرها حتى ينسلخ صاحبها من الدين كما تنسل الشعرة من العجين.

فمفاسد البدع لا يقف عليها إلا أرباب البصائر، والعميان ضالون في ظلمة العمى ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.

فإن قطع هذه العقبة بعصمة من الله أو بتوبة نصوح تنجيه منها، طلبه على:

العقبة الرابعة : وهي عقبة الصغائر فكال له منها بالقفزان، وقال ما عليك إذا اجتنبت الكبائر ما غشيت من اللمم، أو ما علمت بأنها تُكَفّر باجتناب الكبائر، وبالحسنات، ولا يزال يهون عليه أمرها حتى يُصِرَّ عليها، فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجل النادم أحسن حالا منه، فالإصرار على الذنب أقبح منه، ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إياكم ومحقرات الذنوب ثم ضرب لذلك مثلا بقوم نزلوا بفلاة من الأرض فأعوزهم الحطب فجعل هذا يجيء بعود وهذا بعود حتى جمعوا حطبا كثيرا فأوقدوا نارا وأنضجوا خبزتهم فكذلك فإن محقرات الذنوب تجتمع على العبد وهو يستهين بشأنها حتى تهلكه.

فإن نجا من هذه العقبة بالتحرز والتحفظ، ودوام التوبة والاستغفار، وأتبع السيئة الحسنة، طلبه على:

العقبة الخامسة : وهي عقبة المباحات التي لا حرج على فاعلها، فشَغَلَه بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الإجتهاد في التزود لمعاده، ثم طمع فيه أن يستدرجه منها إلى ترك السنن، ثم من ترك السنن إلى ترك الواجبات، وأقل ما ينال منه تفويته الأرباح والمكاسب العظيمة والمنازل العالية، ولو عرف السعر لما فوت على نفسه شيئا من القربات ولكنه جاهل بالسعر.

فإن نجا من هذه العقبة ببصيرة تامة، ونور هاد، ومعرفة بقدر الطاعات والإستكثار منها، وقلة المقام على الميناء، وخطر التجارة، وكرم المشتري، وقدر ما يعوض به التجار، فبخل بأوقاته، وضن بأنفاسه أن تذهب في غير ربح، طلبه العدو على:

العقبة السادسة : وهي عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات، فأمره بها وحسنها في عينه، وزينها له، وأراه ما فيها من الفضل والربح ليشغله بها عما هو أفضل منها وأعظم كسبا وربحا، لأنه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب طمع في تخسيره كماله وفضله ودرجاته العالية، فشغله بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الراجح، وبالمحبوب لله عن الأحب إليه، وبالمرضي عن الأرضى له.

ولكن أين أصحاب هذه العقبة فهم الأفراد في العالم، والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأول.

فإن نجا منها بفقه في الأعمال ومراتبها عند الله، ومنازلها في الفضل ومعرفة مقاديرها، والتمييز بين عاليها وسافلها، ومفضولها وفاضلها، ولا يقطع هذه العقبة إلا أهل البصائر والصدق من أولى العلم، السائرين على جادة التوفيق، قد أنزلوا الأعمال منازلها، وأعطوا كل ذي حق حقه.

فإذا نجا منها لم يبق هناك عقبة يطلبه العدو عليها سوى واحدة لا بد منها، ولو نجا منها أحد لنجا منها رسل الله وأنبياؤه وأكرم الخلق عليه وهي:

عقبة تسليط جنده عليه بأنواع الأذى باليد واللسان والقلب على حسب مرتبته في الخير، فكلما علَت مرتبته أجلب عليه العدو بخيله ورجله، وظاهر عليه بجنده، وسلط عليه حزبه وأهله بأنواع الأذى والتكفير والتضليل والتبديع والتحذير منه، وقصد إخماله، وإطفائه؛ ليشوش عليه قلبه ويُشْغِل بحربه فكره، وليمنع الناس من الانتفاع به، فيبقى سعيه في تسليط المبطلين من شياطين الإنس والجن عليه، ولا يفتر ولا يني، فحينئذ يلبس المؤمن لأمة الحرب ولا يضعها عنه إلى الموت، ومتى وضعها أُسر أو أُصيب، فلا يزال في جهاد حتى يلقى الله.

وهذه العقبة لا حيلة له في التخلص منها؛ فإنه كلما جدَّ في الاستقامة والدعوة إلى الله والقيام له بأمره، جد العدو في إغراء السفهاء به، فهو في هذه العقبة قد لبس لأمة الحرب وأخذ في محاربة العدو لله وبالله فعبوديته فيها عبودية خواص العارفين، وهي تسمى عبودية المراغمة، ولا ينتبه لها إلاّ أولو البصائر التامّة، ولا شيء أحبَ إلى الله من مراغمة وليه لعدوه، وإغاظته له، وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم للمصلي إذا سها في صلاته سجدتين وقال: إن كانت صلاته تامة كانتا تُرغمان أنف الشيطان وفي رواية: ترغيماً للشيطان وسماها المرغمتين.

فمن تعبد الله بمراغمة عدوه فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته لعدوه يكون نصيبه من هذه المراغمة، ولأجل هذه المراغمة حُمد التبختر بين الصفين.

وهذا باب من العبودية لا يعرفه إلا القليل من الناس ومن ذاق طعمه ولذته بكى على أيامه الأول.

فتأمل هذا وتدبر موقعه، وعظيم منفعته، واجعله ميزانك تزن به الناس وتزن به الأعمال ؛ فإنه يطلعك على حقائق الوجود، ومراتب الخلق، والله المستعان، وعليه التكلان.


من مدارج السالكين (1/222) وبدائع الفوائد (2/483) لابن القيم الجوزية

السر الذي فيه الشفاء التام والدواء النافع

السر الذي فيه الشفاء التام والدواء النافع
للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله
فَاتِحَةُ الْكِتاب: وأُمُّ القرآن، والسبعُ المثاني، والشفاءُ التام، والدواءُ النافع، والرُّقيةُ التامة، ومفتاح الغِنَى والفلاح، وحافظةُ القوة، ودافعةُ الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارَها وأعطاها حقَّها، وأحسنَ تنزيلها على دائه، وعَرَفَ وجهَ الاستشفاء والتداوي بها، والسرَّ الذي لأجله كانت كذلك.
ولما وقع بعضُ الصحابة على ذلك، رقى بها اللَّديغ، فبرأ لوقته. فقال له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « وما أدراك أنَّها رُقْيَة ».
ومَن ساعده التوفيق، وأُعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرارِ هذه السورة، وما اشتملت عليه مِنَ التوحيد، ومعرفةِ الذات والأسماء والصفات والأفعال، وإثباتِ الشرع والقَدَر والمعاد، وتجريدِ توحيد الربوبية والإلهية، وكمال التوكل والتفويض إلى مَن له الأمر كُلُّه، وله الحمدُ كُلُّه، وبيده الخيرُ كُلُّه، وإليه يرجع الأمرُ كُلُّه، والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصلُ سعادة الدارين، وعَلِمَ ارتباطَ معانيها بجلب مصالحهما، ودفع مفاسدهما، وأنَّ العاقبةَ المطلقة التامة، والنعمةَ الكاملة مَنوطةٌ بها، موقوفةٌ على التحقق بها، أغنته عن كثير من الأدوية والرُّقى، واستفتح بها من الخير أبوابه، ودفع بها من الشر أسبابَه.
وهذا أمرٌ يحتاجُ استحداثَ فِطرةٍ أُخرى، وعقلٍ آخر، وإيمانٍ آخر، وتاللهِ لا تجدُ مقالةٌ فاسدة، ولا بدعةٌ باطلة إلا وفاتحةُ الكتابِ متضمِّنة لردها وإبطالها بأقرب الطُرُق، وأصحِّها وأوضحِها، ولا تجدُ باباً من أبواب المعارف الإلهية، وأعمالِ القلوب وأدويتها مِن عللها وأسقامها إلا وفى فاتحة الكتاب مفتاحُه، وموضعُ الدلالة عليه، ولا منزلاً من منازل السائرين إلى ربِّ العالمين إلا وبدايتُه ونهايتُه فيها.
ولعَمْرُ الله إنَّ شأنها لأعظمُ من ذلك، وهى فوقَ ذلك. وما تحقَّق عبدٌ بها، واعتصم بها، وعقل عمن تكلَّم بها، وأنزلها شفاءً تاماً، وعِصمةً بالغةً، ونوراً مبيناً، وفهمها وفهم لوازمَها كما ينبغي ووقع في بدعةٍ ولا شِركٍ، ولا أصابه مرضٌ من أمراض القلوب إلا لِماماً، غيرَ مستقر.
هذا.. وإنها المفتاح الأعظم لكنوز الأرض، كما أنها المفتاحُ لكنوز الجَنَّة، ولكن ليس كل واحد يُحسن الفتح بهذا المفتاح، ولو أنَّ طُلابَ الكنوز وقفوا على سر هذه السورة، وتحقَّقُوا بمعانيها، وركَّبوا لهذا المفتاح أسناناً، وأحسنُوا الفتح به، لوصلوا إلى تناول الكُنوزِ من غير معاوِق، ولا ممانع.
ولم نقل هذا مجازفةً ولا استعارةً؛ بل حقيقةً، ولكنْ لله تعالى حكمةٌ بالغة في إخفاء هذا السر عن نفوس أكثر العالَمين، كما لَه حكمة بالغة في إخفاء كنوز الأرض عنهم. والكنوزُ المحجوبة قد استُخدمَ عليها أرواحٌ خبيثة شيطانية تحولُ بين الإنس وبينها، ولا تقهرُها إلاَّ أرواحٌ عُلْوية شريفة غالبة لها بحالها الإيماني، معها منه أسلحةٌ لا تقومُ لها الشياطين، وأكثرُ نفوس الناس ليست بهذه المَثابة، فلا يُقاوِمُ تلك الأرواح ولا يَقْهَرُها، ولا ينال من سلبِها شيئاً، فإنَّ مَن قتل قتيلاً فله سلبه.

من كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد / مجلد الطب النبوي ( 4 / 347 )

الخميس، يونيو 17، 2010

موعظة مودع

باب اتباع السنة من مقدمة سنن الدارمي

أخبرنا أبو عاصم، أخبرنا ثور بن يزيد، حدثني خالد بن معدان، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن عرباض بن سارية، قال

صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر ثم وعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب

فقال قائل يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا فقال أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ

مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسَنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ

وَإِيَّاكُمْ وَالْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ و قال أبو عاصم مرة وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ

أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا الأوزاعي، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، قال كان من مضى من علمائنا يقولون الاعتصام

بالسنة نجاة والعلم يقبض قبضا سريعا فنعش العلم ثبات الدين والدنيا وفي ذهاب العلم ذهاب ذلك كله

أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن عبد الله بن الديلمي، قال بلغني أن أول

الدين، تركا السنة يذهب الدين سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة

أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا الأوزاعي، عن حسان، قال ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لا

يعيدها إليهم إلى يوم القيامة

أخبرنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن ابي، قلابة قال ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف

أخبرنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن ايوب، عن ابي، قلابة قال إن أهل الأهواء أهل الضلالة ولا أرى

مصيرهم إلا النار فجربهم فليس أحد منهم ينتحل قولا أو قال حديثا فيتناهى به الأمر دون السيف وإن النفاق كان ضروبا

ثم تلا ومنهم من عاهد الله ومنهم من يلمزك في الصدقات ومنهم الذين يؤذون النبي فاختلف قولهم واجتمعوا في

الشك والتكذيب وإن هؤلاء اختلف قولهم واجتمعوا في السيف ولا أرى مصيرهم إلا النار قال حماد ثم قال أيوب عند ذا

الحديث أو عند الأول وكان والله من الفقهاء ذوي الألباب يعني أبا قلابة

جنتكم من النار !!!!!!!!!!!!!!!!!




سبحان الله


كنت أستمع إلى إذاعة القرآن فجاءت محاضرة شدت انتباهي وأخذت أركز على كلام المحاضر وأقول لبنتي اسمعي واحفظي فقد أجاد في الإلقاء

وجذب القلوب إليه كان يتحدث بحديث رسول الله ويستشهد به

حديث كنا نسمع عنه كثيرا لكن هذه المرة جمع كل مايخص فضله وألقاه على مسامعنا

تأملوا إخوتي لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طبقوه في حياتك كي تفلحوا في دنيكم وآخرتكم

روى الحاكم في المستدرك ، والنسائي في عمل اليوم والليلة ، وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(( خذوا جُنتكم )) قلنا : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوٍ قد حضر ! قال : (( لا ،بل جنتكم من النار ، قولوا : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، فإنهن يأتين يوم القيامة منجيات ومقدمات ، وهنَّ الباقيات الصالحات )) ، قال

الحاكم : (( هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه )) ، ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني رحمه الله .

وقد تضمن هذا الحديث وصف هؤلاء الكلمات بأنهن الباقيات الصالحات ، وقد قال الله تعالى : ( والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً ).

والباقيات أي : التي يبقى ثوابها ، ويدوم جزاؤها ، وهذا خير أمل يؤمله العبد وأفضل ثواب .

وفي حديث آخر :

ففي المسند للإمام أحمد ، وسنن ابن ماجة ، ومستدرك الحاكم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن

مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد ، ينعطفن حول العرش لهن دويٌ كدوي النحل تذكر بصاحبها ، أما يحب أحدكم أن يكون

له ، أو لا يزال له من يذكر به )) . قال البوصيري في زوائد سنن ابن ماجه : إسناده صحيح ، رجاله ثقات ، وصححه الحاكم

ولمن لديه أم أوأب كبيرفي السن لايستطيع قرآة القرآن فليعلمه هذه الباقيات الصالحات لما لها من فضل عظيم

فقد جاء في الحديث :

روى أبو داود ، والنسائي ، والدارقطني ، وغيرهم عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول

الله إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن ، فعلمني شيئاً يجزيني ، قال : تقول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ))

فقال الأعرابي : هكذا وقبض يديه ـ فقال : هذا لله ، فما لي ؟ قال : تقول : (( اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واهدني )) فأخذها الأعرابيُّ وقبض كفيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أمَّا هذا فقد ملأ يديه بالخير ))

وحديث آخر

روى النسائي في عمل اليوم والليلة ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم ، وغيرهم عن أبي سلمى رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( بخ بخ ـ وأشار بيده بخمس ـ ما أثقلهن في الميزان : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، والولد الصالح يُتوفى المرء المسلم فيحتسبه )) ، صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وللحديث شاهدٌ من حديث ثوبان رضي الله عنه خرَّجه البزار في مسنده ، وقال : إسناده حسن.

كما أن الله اختار هؤلاء الكلمات واصطفاهن لعباده ، ورتب على ذكر الله بهن أجوراً عظيمة ، وثواباً جزيلاً ، ففي المسند للإمام أحمد ومستدرك الحكام بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن أصطفى من الكلام أربعاً : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، فمن قال : سبحان الله كُتِبَ له عشرون حسنة ، وحُطَّت عنه عشرون سيئة ، ومن قال : الله أكبر فمثل ذلك ، ومن قال : لا إله إلا الله فمثل ذلك ، ومن قال : الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتبت له ثلاثون حسنة ، وحط عنه ثلاثون خطيئة ))

وأنظروا إلى هذا الحديث :

إنه ليس أحدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعَمَّرُ في الإسلام يكثر تكبيره وتسبيحه وتهليله وتحميده ، روى الإمام أحمد ، والنسائي في عمل اليوم والليلة بإسناد حسن عن عبد الله بن شداد : أن نفراً من بني عُذرة ثلاثة أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا ، قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من يكفينيهم ؟ )) ، قال طلحةُ : أنا ، قال : فكانوا عند طلحة فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثاً فخرج فيه أحدُهم فاستشهد ، قال : ثم بعث آخر ، فخرج فيهم آخر فاستشهد ، قال : ثم مات الثالث على فراشه .

قال طلحة : فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة ، فرأيت الميت على فراشة أمامهم ، ورأيت الذي استشهد أخيراً يليه ، ورأيت الذي استشهد أولهم آخرهم ، قال : فدخلني من ذلك ، قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما أنكرت من ذلك ، ليس أحدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعَمَّرُ في الإسلام يَكثر تكبيرُه وتسبيحهُ ونهليلهُ وتحميده ))

فقد ثبت في المسند وسنن الترمذي ، ومستدرك الحاكم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ماعلى الأرض رجل يقول : لاإله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، إلا كفرت عنه ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر )) ، حسَّنه الترمذي ، وصححه الحاكم وأقرَّه الذهبي ، وحسّنه الألباني

ورواه الترمذي وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشجرةٍ يابسةِ الورق فضربها بعصاه فتناثر الورق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الحمد لله ، وسبحان الله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر لتساقط من ذنوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة )) ، وحسنه الألباني

كماثبت في مسند الإمام أحمد ، وشعب الإيمان للبيهقي بإسناد جيد عن عاصم بن بَهْدَلة ، عن أبي صالح ، عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت : مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إني قد كبرت وضعفت ، أو كما قالت ، فمُرني بعمل أعمله وأنا جالسة . قال : (( سبٍّحي الله مائة تسبيحه ، فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل ، واحمدي الله مائة تحميدةٍ ، تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله وكبري الله مائة تكبيرة فإنها تعدل لك مائة بدنه مقلدة متقبلة ، وهلّلي مائة تهليلة . قال ابن خلف : ( الراوي عن عاصم ) أحسبه قال : ـ تملأ ما بين السماء والأرض ، ولا يرفع يومئذٍ لأحد عمل إلا أن يأتي بمثل ما أتيتٍ به )). قال المنذري : ( رواه أحمد بإسناد حسن)، وحسن إسناده العلامة الألباني رحمه الله

سبحان الله فعلا هن الباقيات لنا ننتفع بهن في دنيانا وآخرتنا وهن الصالحات