إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

محبة أهل الحديث والأثر .......///


دين النبي محمد أخبار..نعم المطية للفتى آثار

لا ترغبن عن الحديث وأهله.. فالرأي ليل والحديث نهار

ولربما جهل الفتى أثر الهدى.. والشمس بازعة لها أنوار

الجمعة، مارس 09، 2018

مروءة الترك لابن القيم

●قال الإمام ابن القيم - رحمه الله  - :

 وأما مروءة الترك : فترك الخصام ، والمعاتبة ، والمطالبة والمماراة ، والإغضاء عن عيب ما يأخذه من حقك ، وترك الاستقصاء في طلبه ، والتغافل عن عثرات الناس ، وإشعارهم أنك لا تعلم لأحد منهم عثرة ، والتوقير للكبير ، وحفظ حرمة النظير ، ورعاية أدب الصغير ، وهي على ثلاث درجات .

■الدرجة الأولى : مروءة المرء مع نفسه ، وهي أن يحملها قسرًا على ما يجمل ويزين ، وترك ما يدنس ويشين ، ليصير لها ملكة في العلانية ، فمن أراد شيئا في سره وخلوته : ملكه في جهره وعلانيته ، فلا يكشف عورته في الخلوة ، ولا يتجشأ بصوت مزعج ما وجد إلى خلافه سبيلاً ، ولا يخرج الريح بصوت وهو يقدر على خلافه ، ولا يجشع وينهم عند أكله وحده .

• وبالجملة : فلا يفعل خالياً ما يستحيي من فعله في الملأ ، إلا ما لا يحظره الشرع والعقل ، ولا يكون إلا في الخلوة ، كالجماع والتخلي ونحو ذلك .

■الدرجة الثانية : المروءة مع الخلق ، بأن يستعمل معهم شروط الأدب والحياء ، والخلق الجميل ، ولا يظهر لهم ما يكرهه هو من غيره لنفسه ، وليتخذ الناس مرآة لنفسه ، فكل ما كرهه ونفر عنه ، من قول أو فعل أو خلق ، فليتجنبه ، وما أحبه من ذلك واستحسنه فليفعله .

وصاحب هذه البصيرة ينتفع بكل من خالطه وصاحبه من كامل وناقص ، وسيئ الخلق وحسنه ، وعديم المروءة وغزيرها .

 وكثير من الناس : يتعلم المروءة ، ومكارم الأخلاق من الموصوفين بأضدادها كما روي عن بعض الأكابر : أنه كان له مملوك سيئ الخلق ، فظ غليظ، لا يناسبه ، فسئل عن ذلك ؟ فقال : أدرس عليه مكارم الأخلاق .

وهذا يكون بمعرفة مكارم الأخلاق في ضد أخلاقه ، ويكون بتمرين النفس على مصاحبته ومعاشرته ، والصبر عليه .

■ الدرجة الثالثة : المروءة مع الحق سبحانه ، بالاستحياء من نظره إليك ، واطلاعه عليك في كل لحظة ونفس ، وإصلاح عيوب نفسك جهد الإمكان ، فإنه قد اشتراهامنك ، وأنت ساع في تسليم المبيع ، وتقاضي الثمن ، وليس من المروءة : تسليمه على ما فيه من العيوب ، وتقاضي الثمن كاملاً ، أو رؤية منته في هذا الإصلاح ، وأنه هو المتولي له ، لا أنت ، فيغنيك الحياء منه عن رسوم الطبيعة ، والاشتغال بإصلاح عيوب نفسك عن التفاتك إلى عيب غيرك ، وشهود الحقيقة عن رؤية فعلك وصلاحك .

📚مدارج السالكين (٣٣٥/٢)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق